للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...بقيت مسألة الاستمناء أو استخراج المني، هل يُفطِّر الصائم؟ فذهب جمهور العلماء إلى أن الاستمناء وإنزال المني بفعلٍ مقصودٍ من الرجل يُفطِّر الصائم، أما إن كان نزول المني بفعل غير مقصود، كأن نظر الرجل إلى جسد امرأته فأنزل، أو تفكَّر فأنزل فلا يفطِّر الصائم، ولا يفطِّر الصائمَ عندهم الاحتلامُ ولو نزل المني. قال النووي: من قبَّل فأنزل بطل صومه. وقال ابن قدامة في كتاب المغني: إن قبَّل فأنزل بطل صومه بلا خلاف. وقد مرَّ قول مالك: من باشر أو قبَّل فأَنْعَظَ ولم يُمْذِ ولا أنزل بطل صومه وقضى. ومفهوم قول مالك أن بطلان الصوم من حصول الإنزال هو من باب أولى. بل إن عدداً من الفقهاء قالوا إن الرجل إذا أمذى، أي أنزل المذي بطل صومه!! وهو قول مالك وابن قدامة وإسحق. وفي المقابل ذهب ابن حزم إلى أن الاستمناء وإِنزال المني بفعلٍ مقصودٍ وغيرِ مقصود لا يفطِّر الصائم.

...والحق أن هذه المسألة لم تذكرها النصوص، لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حتى من أقوال الصحابة، اللهم إلا ما رواه عبد الرزاق (٧٤٥٢) عن حذيفة رضي الله عنه (أن من تأمَّل خَلْقَ امرأةٍ وهو صائم بطل صومه) فهذا الأثر قد ضعَّف ابن حجر إِسناده، إضافةً إلى أن الأحاديث كلها تدحض هذا القول. وإن هؤلاء القائلين ببطلان الصوم من إنزال المني إنما قاسوا إنزالَ المني على الجماع وأعطَوْه حكمَه، فشمس الدين بن قدامة في الشرح الكبير يقول [أن يُمني فيُفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين، ولأنه أنزل بمباشرةٍ أشبه الإنزال بجماع دون الفرج] .

...وحيث أن هذه المسألة غير واردة في النصوص، وحيث أنني التزمت في هذا الكتاب بفقه النصوص فحسب، فإنني اكتفيت باستعراض الآراء السابقة دون تعليق عليها.

الحِجامةُ:

<<  <   >  >>