...أما القول إن الفطر لا يظهر إلا بطلوع فجر يوم العيد، فلا حجة فيه على مسألتنا، لأن الفطر قد حصل بدخول شهر شوال، أي قد حصل سبب الزكاة وهو حصول الفطر، فالقول بظهور الفطر وعدم ظهوره لا يؤثر في حصول الفطر بالفعل، فلا يؤثر في وجود سبب أداء الزكاة وهو حصول الفطر بالفعل، فالعبرة بتحقق وجود الفطر، وقد تحقق وجوده بانصرام شهر الصوم، وصومُ الشهر ينصرمُ بدخول أول لحظة من شهر شوال، وعليه فإِنَّ تعليقهم أداء الزكاة على ظهور الفطر هو خطأ ظاهر
وقتُ إخراجها:
لقد اختلف الأئمة الأربعة وغيرهم في تحديد وقت الإخراج على النحو التالي: فأبو حنيفة يُجيز تقديم أداء زكاة الفطر قبل رمضان ولو بعامين. وقال مالك لا يجوز تقديم هذه الزكاة عن وقتها، بل يجب أن تُؤدَّى في وقتها مثلها مثل الصلاة. وقال الشافعي يجوز إخراجها من أول رمضان. وقال أحمد يجوز إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين. وقال الجمهور: يستحب تقديمها قبل صلاة العيد، ويُجْزيءُ إِخراجها إلى آخر يوم العيد.
...واتفق الجميع على أنها لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب، بل تصير دَيْناً حتى تؤدى، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، إلا ما نُقل عن محمد بن سيرين وإبراهيم النخعي من القول بجواز تأخيرها عن يوم العيد. وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم، كما في إخراج الصلاة عن وقتها. وحتى يتبين لنا الحكم الصائب في مسألتنا هذه بإِذن الله لا بد من استعراض النصوص المتعلقة بها:
١- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال {فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة} رواه البخاري (١٥٠٣) ومسلم وأبو داود والنَّسائي والترمذي وابن ماجة.