...الأحاديث الخمسة الأولى ورد فيها نهيٌ عن صيام العيدين، مراتٍ بلفظ (نهى) ومراتٍ أُخرى بلفظ (لا صوم، ولا صيام) والحق أن النهي بهذه الألفاظ هو مجرد نهي، لا يُعلَم إِن كان نهياً جازماً يفيد التحريم، أو كان نهياً غير جازم يفيد الكراهة، فلنبحثْ عن القرينة التي تحدِّد وتعيِّن أيَّ الحُكْمين هو المقصود، وقد وجدنا هذه القرينة في الحديث السادس في كلمة (لا يصلح) التي تدل على أن النهي هنا هو نهيٌ جازم وأنه للتحريم، وهذا الحديث مثل الحديث الذي رواه مسلم (١١٩٩) والنَّسائي وأحمد والدارمي من طريق معاوية بن الحكم السلمي، رضي الله عنه بلفظ { ... إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ... } وجاءت رواية أبي داود (٩٣٠) تفسِّر هذا الحديث { ... إن هذه الصلاة لا يحلُّ فيها شيء من كلام الناس هذا ... } فقد فسَّرت روايةُ أبي داود اللفظةَ الواردة عند مسلم (لا يصلح) بلفظة (لا يحل) وإذن فإن لفظة (لا يصلح الصيام) الواردةَ في الحديث السادس تُفسَّر بـ (لا يحل الصيام) وقد مرَّ حديث مسلم بتمامه ورواية أبي داود في بحث [القنوت] في الفصل السابع في القسم الثاني من الكتاب [الجامع لأحكام الصلاة] .