للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب معظم الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومعهم الأئمة الأربعة، إلى جواز الصوم وجواز الفطر في السفر، ولكنهم اختلفوا في تحديد الأفضل منهما: فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري وأبو ثور إلى أن الصوم في السفر أفضل من الفطر لمن قوي عليه ولم تلحقه مشقةٌ منه، ورُوي ذلك عن أنس بن مالك وعثمان بن أبي العاص وحذيفة بن اليمان من الصحابة رضوان الله عليهم، كما رُوي عن عروة بن الزبير وسعيد بن جبير وعبد الله بن المبارك وإبراهيم النخعي. فيما ذهب الإمام أحمد وإسحق ابن راهُويه والأوزاعي إلى أن الفطر في السفر أفضل من الصوم عملاً بالرخصة، ورُوي ذلك عن ابن عباس وابن عمر من الصحابة رضي الله عنهما، كما رُوي عن سعيد بن المسيِّب وعامر الشعبي وابن الماجشون. وذهب عمر بن عبد العزيز وابن المنذر إلى أن أفضلَهما أيسرُهما، لقوله تعالى { ... يريد اللهُ بكم اليُسْرَ ... } ورُوي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة من الصحابة رضوان الله عليهم، وعن ابن شهاب الزُّهري من التابعين، عدم جواز الصوم في السفر، وأن من صام رمضان في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر. وحتى نتبين وجه الحق والصواب في هذه المسألة دعونا نستعرض النصوص المتعلقة بها:

١- عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم {أن حمزة بن عمرو الأَسْلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصومُ في السفر؟ - وكان كثيَر الصيام – فقال: إن شئت فصم، وإن شئت فأَفْطِر} رواه البخاري (١٩٤٣) والنَّسائي وأحمد والدارمي.

٢- عن أبي مُراوِح عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال {يا رسول الله أَجدُ بي قوةً على الصيام في السفر، فهل عليَّ جُناحٌ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جُناح عليه} رواه مسلم (٢٦٢٩) والنَّسائي وابن حِبَّان.

<<  <   >  >>