عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وصيام هذا اليوم أفضل من صيام أي يوم آخر من أيام السنة على الإطلاق، باستثناء صيام رمضان طبعاً، فهو يكفِّر سنةً قبله وسنةً بعده وهذا بلا شك فضل عظيم وخير عميم. وقد ذهب العلماء والفقهاء كلهم إلى القول باستحبابه،لم يخالف ذلك منهم أحد فيما أعلم، وهذا الاتفاق منهم على استحباب صيام يوم عرفة إنما هو متعلق بغير الحُجَّاج، أما مَن كان بعرفة حاجاً، فقد اختلفوا في صيامه على مذهبين: فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وسفيان الثوري إلى القول باستحباب الفطر لمن كان بعرفة، ورُوي مثلُه عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر رضي الله عنهم. فيما ذهب أحمد والحسن البصري وقَتَادة، ومن الشافعية الخطابي والمتولي، إلى القول باستحباب الصوم إن قدر الحاج عليه، ولم يضعف عن الدعاء والذِّكْر المطلوب. ورُوي أن عائشة وأسامة بن زيد وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم كانوا يصومون يوم عرفة وهم حُجاج. قال الطبري [إنما أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ليدل على الاختيار للحاج بمكة لكي لا يضعف عن الدعاء والذكر المطلوب يوم عرفة] وهذه طائفة من النصوص المتعلقة بصوم عرفة:
١- عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال {رجلٌ أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ... – وذكر الحديث إلى أن قال – ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثٌ من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، صيامُ يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيامُ يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله} رواه مسلم (٢٧٤٦) وأبو داود والنَّسائي والترمذي. ورواه أحمد (٢٢٩٥٨) بلفظ { ... صوم يوم عرفة كفارة سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة، وصوم يوم عاشوراء كفَّارة سنة} .