٥- عن صِلة بن زفر قال {كنا عند عمَّار بن ياسر رضي الله عنه، فأمر بشاةٍ مَصْلِيَّةٍ فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم فقال إني صائم، فقال عمار: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم} رواه الحاكم (١/٤٢٤) وصححه هو والذهبي. ورواه الترمذي وقال [حديث حسن صحيح] ورواه النَّسائي وأبو داود وابن ماجة والدارمي وابن خُزيمة وابن حِبَّان والبيهقي. ورواه الدارَقُطني وقال [إسناده حسن صحيح] قال ابن عبد البر: هذا مُسْنَدٌ عندهم مرفوع لا يختلفون في ذلك. وهو يعني أنه يأخذ حكم الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب قوله (فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم) وليس هو فهماً لعمَّار ولا اجتهاداً منه.
...الحديث الأول واضح الدلالة. والحديثان الثاني والرابع يدلاَّن إضافةً إلى ما يدل عليه الحديث الأول على أن الرجل إن كان يصوم من شعبان أياماً واستمر صومه حتى أتى على آخره فلا بأس، لأنه يكون بصيامه هذا إنما صام أياماً من شعبان، ولا يكون بذلك الصيام قد خالف معنى ومطلوبَ الأحاديث، فالأحاديث قد نهت عن صيام آخر شعبان استقبالاً لرمضان، بمعنى أنها نهت عن إلحاق آخر يوم من شعبان بشهر رمضان واحتسابه من رمضان احتياطاً، أما صيام أيام شعبان على أنها منه وكجزء من صيامه فلا شيء فيه. وأما الحديث الخامس فقد ذكر أن صوم يوم الشك - وهو آخر شعبان عند وجود ما يحول دون رؤية الهلال - حرامٌ لا يجوز، وبهذا القول ينتفي القول بالكراهة فقط. وعليه فإن صيام آخر شعبان وإِدخالَه في رمضان احتياطاً هو حرام، وليس مكروهاً فقط. وجاء الحديث الثالث يقرر أن الإفطار في يوم الشك هو السُنَّة المشروعة في الإسلام، بمعنى الطريقة والنهج.