...وهو صيام الحاج المتمتِّع إذا لم يجد الهَدْيَ، أي الذبيحةَ. ولبيان ذلك أقول ما يلي: إنَّ الحج ثلاثة أنواع: حجُّ الإِفراد، وهو أن ينوي الحاجُّ الحجَ فحسب، فلا يُدْخِل فيه العمرة، وحج القِران، وهو أن ينوي الحاجُّ الحجَ والعمرةَ معاً أي مقترنَيْن، وحج التمتُّع، وهو أن ينوي الحاج العمرة أولاً، وبعد أن يؤديها يُحلُّ إحرامَه وينتظر يوم عرفة أو يوم التَّرْوِية قبله فيُحرم ناوياً الحج وحده. فهذا الحاج المتمتِّع يجب عليه أن يذبح الهَدْيَ، فإن لم يجد الهَدْيَ فعلاً، أو وجده ولكنه لا يملك ثمنه، فقد وجب عليه أن يصوم عشرة أيام: ثلاثةً في أيام الحج وسبعةً إذا عاد إلى بلده وأهله، والدليل على ذلك ما يلي:
١- قال تعالى {وأَتمُّوا الحَجَّ والعُمْرةَ للهِ فإِنْ أُحْصِرْتم فما اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْي ولا تحلِقوا رُؤوسَكم حتى يبلغُ الهَدْيُ مَحِلَّه فمَنْ كان منكم مريضاً أو به أَذىً من رأْسِهِ ففِدْيةٌ من صيامٍ أو صدقةٍ أو نُسُكٍ فإِذا أَمِنْتم فمن تمتَّعَ بالعُمْرةِ إلى الحجِّ فما اسْتيْسَرَ من الهَدْي فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِ وسبعةٍ إذا رَجَعْتم تلك عَشَرَةٌ كاملةٌ ذلك لمن لم يكن أَهلُهُ حاضِري المسجدِ الحرامِ واتقوا اللهَ واعلموا أنَّ اللهَ شديدُ العقابِ} الآية ١٩٦ من سورة البقرة. والهَدْي والنُّسُك هنا هو ذبح شاة.
٢- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال {تمتَّع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج – فذكر الحديث بطوله إلى أن قال – إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... فمن لم يجد هَدْياً فلْيصمْ ثلاثةَ أيام في الحج، وسبعةً إذا رجع إلى أهله ... } رواه البخاري (١٦٩١) ومسلم. وقد مرَّ مزيدُ بحثٍ في هذه المسألة في موضوع [صوم أيام التشريق] من الفصل [الصيام المحرَّم الذي لا يجوز] .