...والصحيح هو قول الأحناف والمالكية، وهو أن على المرأة كفَّارة إن كانت مختارة غير مُكْرَهة، لأن الجماع الذي تجب فيه الكفَّارة على الرجل تشترك فيه الزوجة فلا معنى لإِعفائها من الكفَّارة، وإن قول الشافعية ومن قال بمثل قولهم إنهم لم يسمعوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الزوجة بأداء الكفَّارة، لا يكفي هذا القولُ لإعفاء المرأة من الكفَّارة ومن الإثم، وذلك أن النصَّ إن كان يخاطب المذكَّر، فإن المخاطبة تشمل الرجل والمرأة على السواء، وهي الحالة الغالبة في النصوص، وأما إن أراد النصُّ مخاطبة النساء خاصة فإنه يذكرُهنَّ بلفظ صريح، وهذه قاعدةٌ لغوية وشرعية معروفة. فالمرأة تدخل في عموم النصوص إلا أن تُستثنى، فلا حُجَّةَ للشافعية فيما ذهبوا إليه.
...أما إن جامع الزوج زوجته بالإِكراه، فلم تستطع الزوجةُ دفعَه، فإِنه لا شيء عليها، وقد أَعْلَمَنا الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن الله رفع عن أمته الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه، فالمُكرَه لا إثم عليه ومن ثمَّ لا عقوبة عليه. فإن قال قائل إن المرأة لا تملك مالاً تُعتِق به رقبةً أو تقدِّمه لستين مسكيناً أجبناه بأن المرأة قد تملك مالاً تفعل به ذلك، أما إِن لم تكن تملك المال فقد تعيَّن عليها صوم شهرين متتابعين، فإن كانت عاجزة عن الصوم ولا تملك المال فإِنَّ الكفَّارةَ تسقط عنها.
...والجماع الذي يُوجِب الكفَّارة هو إِيلاجُ الذَّكر في الفرج ولو لم يحصل إِنزالٌ، ولا تجب الكفَّارة إذا حصل الإِنزال دون جماع، أي حصل الإنزالُ بالمباشرة والمداعبة والتقبيل مثلاً.
لا فِديةَ على من أخَّر قضاءَ رمضان لغير عذرٍ حتى أدركه رمضانُ آخر: