......إن حديثاً واحداً من هذه الأحاديث العشرة، إن احتسبنا في البند ٧ حديثين، يكفي لبيان جواز التقبيل للصائم، فكيف بها كلِّها؟ إنه لمما لا شك فيه، ولا يجوز القول بخلافه، أن الصائم والصائمة يجوز لهما أن يُقبِّلا ويُقبَّلا، في صوم الفريضة كما في صوم التطوُّع، كما يحل للصائم أن يباشر زوجته، دون أن تصل المباشرة إلى حدِّ الإيلاج في الفرج، فهذا هو الحكم الصائب الذي تدلُّ عليه النصوص.
......وعندما أعلمتْ أمُّ سلمة عمرَ بن أبي سلمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم، كان يخشى أن يكون التقبيل حراماً، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعله فيُغفَر له، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأجابه عليه الصلاة والسلام بنفي ذلك وأنه الأتقى والأخشى لله لا يفعل الحرام كما هو معنى الحديث التاسع، وهو دليل يضاف إلى الأدلة المصِّرحة بالجواز.
......ومع هذا الوضوح في الحكم والقوة في الاستدلال يأتي من يقول إن القُبلة حرام أو إنها تفطِّر الصائم!! ويأتي من يقول إن القُبلة والمباشرة مكروهتان للصائم!! وقد نظر هؤلاء في النصوص، فوجدوا في النص الثالث قولَ عائشة (ولكنه أَملكُكُم لإِرْبِه) فجعلوا من هذا القول مدخلاً لأمرين:
الأول: أن الترخيص بالتقبيل إنما هو خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك إِرْبه، أي لا يملك التحكُّم في شهوته ومن ثم كان التقبيل والمباشرة مكروهَين بحقه. وأضاف هؤلاء إن القُبلة للصائم مكروهة إن كان شاباً وجائزة إن كان شيخاً، وعلَّلوا ذلك بأن الشاب تتحرك شهوته إن هو قبَّل، فخرجوا بحكم تحريم تحريك الشهوة كما يقول مالك وابن حجر، وأتوا بجملة من النصوص تعضد قولهم هذا، منها: