للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...الحديث الأول بعد أن ذكره أبو داود قال [قال لي يحيى بن معين: هو حديث منكَرٌ، يعني حديث الكحل] فلا يصلح للاحتجاج. وهذا الحديث هو مستند ابن شُبرُمة وجماعته في القول بإبطال الكحل للصوم، فيسقط بسقوطِه قولُهم هذا. أما الحديث الثاني الذي يفيد أن الاكتحال جائز للصائم فهو حديث ضعيف، بل ضعيف جداً. ولقد أوهم الهيثميُّ القاريءَ بما قال، فالبخاري قال في كتابه التاريخ الكبير عن محمد بن عبيد الله: منكَر الحديث. وقال عنه يحيى بن معين: ليس بشيء هو وابنه معمر. ونقل ابن الجوزي عن الدارَقُطني تضعيفه له. وأن الرازي قال عنه: ذاهبُ الحديث. وقال البيهقي: ليس بالقوي. أما حِبَّان بن علي فإنه وإن وثَّقه ناس فقد قال عنه ابن أبي خيثمة: ليس حديثه بشيء. وقال أبو داود: لا هو ولا أخوه ولا أُحدِّث عنهما. وقال علي بن المَديني: لا أكتب حديثه. وقال أبو زُرعة: حِبَّان لين. وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتجُّ به. وقال البخاري: ليس عندهم بالقوي. وقال الدارَقُطني: متروك. وضعَّفه النَّسائي. وقال الجوزجاني: واهي الحديث. فهذا الحديث ضعيف جداً فيترك. وأما الحديث الثالث فالزبيدي واسمه سعيد بن عبد الجبار ضعيف، وذكر البيهقي أنه من مجاهيل شيوخ بقية، ينفرد بما لا يتابَع عليه، فيُردُّ حديثه. وقل مثل ذلك بخصوص ما سواها من الأحاديث في هذا الباب، فكلها ضعيفة أو منكَرة لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً.

...وتبقى الأحاديث الكثيرة الصحيحة التي تجيز الاكتحال على العموم، وبشكل مطلق تبقى على عمومها وعلى إِطلاقها من الجواز في كل الأحوال والأوضاع، ومنها حالة الصيام. أما أقوالهم بأن الكحل إن وصل إلى الحلق فطَّر الصائم، فلا أجد ما أردُّ به عليها بأكثر من أنها أقوال لا تستحق الاهتمام.

<<  <   >  >>