للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله في الحديثين الأول والثاني (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه) هو بيانٌ لفضل قيام رمضان، وهل هناك ما هو أفضل للمسلم من غفران الذنوب؟ إن ابن آدم خطَّاء وإن ذنوبه لتوبِقُهُ وتدخلُه النار، فكان هو في أمسِّ الحاجة لمكفِّرات الذنوب وغفرانها حتى ينجو من النار ويدخل الجنة فكان أن أنعم الله سبحانه عليه بقيام رمضان ليغفر له ذنوبه ويكفِّرها ويغسله من الأوضار، ويجعله من أهل الجنة

...وقد جاء قول الحديثين (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له) بتقييد قيام رمضان بالإيمان والاحتساب ولم يجيء الأمرُ بالقيامُ مطلقاً، ليُعلِم القائمين أنه لا يكفي أن يقوموا الشهر المبارك رياءً وسمعةً، أو أنْ يقوموه وظيفةً كحالِ كثير من الأئمة اليوم الذين يؤُمُّون الناس ابتغاءَ الرواتبِ والمصالح، أو أنْ يقوموه قياماً صُورياً بأداء الصلوات نقراً كنقر الديك ينتظرون اللحظة التي يفرغون فيها من صلواتهم. نعم لا ينتظر هؤلاء وأمثالهم غفرانَ ذنوبِهم، ولا يظنُّ هؤلاء وأمثالُهم أنَّ القول النبوي ينطبق عليهم، فقيام رمضان كصيامه يجب أن يكون (إيماناً واحتساباً) أي يدفعهم إيمانهم للقيام به برغبةٍ وصدقٍ وإخلاصٍ، ويدَّخرون ذلك ليوم الحساب، محتسبين راغبين في قبوله من العلي العظيم، فليتنبه القائمون لهذه النقطة فإنها حاسمة.

...وقد خصَّ الله سبحانه رمضان ولياليَه بليلة القدر، وهي أشرف ليلة في العام، فكان اختصاص رمضان ولياليه بها فضلاً عظيماً فوق فضل عظيم، وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرة اخترنا منها الحديثين الثالث والرابع كنموذجَين لفضل قيامها ولخيرها، كي يزيد المسلمون فيها من صلواتهم ودعائهم وصدقاتهم وصنوف الخير المختلفة، فهي خير من ألف شهر، وقد نزل فيها عددٌ من آيات الله البينات:

<<  <   >  >>