...والأَدهى من ذلك هو أنهم ربما أَسندوا حصولَ هذه الأمورِ إلى رُؤىً يرونها في نومهم، كأن يقول أحدهم: رأيت في منامي بابَ السماء يُفتح، وأشرقت منه أنوارٌ ربانيةٌ ساطعةٌ ملأت جَنَبَاتِ الكون. أو يقول أحدهم: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة، وأعلمني أن الليلةَ هي ليلةُ القدر. وهؤلاء الناس يعتبرون الرؤى والمنامات أدلةً شرعيةً، أو كالأدلة الشرعية يأخذون منها الأحكام، فيقول أحدهم مثلاً: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أتاني الليلة وأمرني بأن أفعل كذا وكذا، وأنه يتوجب عليَّ تنفيذُ أمرِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم يساوون بين أقواله صلى الله عليه وآله وسلم التي جاءت في الأحاديث المروية المسندة الصحيحة وبين ما يسمعونه منه في المنام، ويعتبرون كلا القولين من الشرع، وكأن الشرع لا زال يفيض علينا بالنصوص التي لا تنفذ ولا نهاية لها. وهذه بلا شك أُحْبُولةٌ من أحابيل الشيطان، والله سبحانه يقول { ... اليوم أكملتُ لكم دينكم ... } من الآية ٣ من سورة المائدة ولكنهم يتجاهلون ذلك ويرون أن الدين لا يزال يزداد بهذه الأحاديث التي يسمعونها في منامهم، وكأنَّ الدين عندهم لم يكتمل، وهذا بلا شك كفرٌ لا خفاء فيه.