...وأما مجموعة أبي ذر رضي الله عنه، فإن الحديث الأول متوافق مع جمهرة الأحاديث الصحيحة الناطقة بالعشر الأواخر والسبع الأواخر. أما الحديث الثاني فليس فيه ذكرٌ لليلة القدر، وهو لا يعدو كونه يشير إشارة إلى فضيلة القيام في ليالي ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين، وهذا أمرٌ متفق عليه ويتَّسق مع القول بتحري ليلة القدر في الوتر من السبع الأواخر. وأما الحديث الثالث ففي رواته زيد بن الحباب، قال عنه أحمد بن حنبل: كان صدوقاً، وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، لكن كان كثير الخطأ. وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال: يخطيء يُعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير، وأما روايته عن المجاهيل ففيها المناكير. فهو لا يرقى إلى رواة الصحيح، لا سيما إذا جاء بما يخالفهم أو بما لا يوافقهم.
...وأما مجموعة عبادة بن الصامت، فهي متوافقة مع الروايات الصحيحة الآمرة بتحرِّيها في العشر الأواخر أو في السبع الأواخر في الوتر منها. وأما الأحاديث المتفرقة فروايتا عائشة ورواية أم سلمة، ورواية عمر بن الخطاب، ورواية أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين تذكر كلها العشر الأواخر، أو السبع الأواخر والأوتار منها.
...وأما رواية معاوية عند ابن حِبَّان رقم ٤ (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) ففي رواتها عبيد الله بن معاذ بن معاذ، قال يحيى بن معين: ابن سَمينة وشبَّاب وعبيد الله بن معاذ ليسوا أصحاب حديث، ليسوا بشيء. فالحديث يُردُّ سنداً، وإن وَثَّق عبيدَ الله عددٌ من المحدثين، فالثقة في الشخص شيء وصلاحه للحديث شيء آخر، فقد يكون الراوي ثقة وصالحاً وصادقاً ولكنه غير ضابط وغير حافظ، فلا يصلح لرواية الأحاديث، وعبيد الله بن معاذ من هؤلاء.