للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقُربة إما أن تكون فرضاً واجباً، وإما أن تكون سُنةً مندوبةً، فجاء النصان الثالث والرابع كقرينة على أن هذه القُربة مندوبة وليست فرضاً. الحديث الثالث يقول (فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه) أي أن الحديث قد علَّق الاعتكاف على محبة الناس له وهذا دليل واضح على عدم الوجوب فلم يبق إلا الندب وكذلك الحديث الرابع الذي يقول (ما أنا بمعتكف فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال) وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع عن قُربةٍ ويتركها لو كانت فرضاً واجباً.

...وهذه المسألةُ، وأنَّ حكمَ الاعتكاف الندبُ،لم يخالف فيها إلا بعضُ أصحاب مالك، فقد قالوا إن الاعتكاف جائز وليس مندوباً، وقد أنكر ذلك عليهم ابن العربي وهو مالكي، قائلاً إنه سُنَّة مؤكَّدة. وقال ابن بطَّال إِنَّ في مواظبةِ النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تأكُّدِهِ. وقال ابن حجر [قال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافاً أنه مسنون] .

<<  <   >  >>