اتفق العلماءُ على أنه يجوز للمعتكِف في المسجد أن يخرج منه لقضاء الحاجة التي لا بد منها، وهي البول والغائط والقيء والاغتسال والوضوء، وما هو من هذا القبيل وأنه إن فعل ذلك لم يبطل اعتكافه، واختلفوا فيما سوى ذلك: فذهب الثوري والشافعي، وأحمد في رواية، إلى أن للمعتكِف أن يخرج لعيادة المريض وصلاة الجنازة إن هو اشترطه في ابتداء اعتكافه سواء أكان الاعتكاف واجباً كاعتكاف النذر أم كان غير واجب. ووافقهم إسحق في الاعتكافِ تطوُّعاً، أما في الاعتكاف الواجب فلا يصح ذلك عنده. وقال مالك والأوزاعي: لا يكون في الاعتكاف شرط. وقال سعيد ابن جبير والحسن البصري والنخعي وأحمد في رواية إن للمعتكِف أن يعود المريض ويشهد الجنازة، دون أن يعلِّقوا ذلك بالشرط المسبق، ورُوي ذلك عن علي رضي الله عنه. وقال ابن حزم: كل فرض على المسلم فإن الاعتكاف لا يمنع منه وعليه أن يخرج إليه، ولا يضرُّ ذلك باعتكافه. ومثله قال ابن قدامة، فقد قال: إن له الخروج إلى ما أوجبه الله تعالى عليه، وأجاز الخروج لتحصيل المأكول والمشروب إذا لم يكن له مَن يأتيه به. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يجوز للمعتكِف أن يخرج مطلقاً، فإن خرج بطل اعتكافه وإن قلَّ. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن تلميذا أبي حنيفة: لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم، لأن اليسير معفوٌّ عنه.
كما اختلفوا في خروج المعتكِف لحضور صلاة الجمعة إن كان الاعتكاف في مسجدٍ لا تقام الجمعة فيه، فذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنه يخرج لصلاة الجمعة ولا يبطل اعتكافُه بذلك الخروج. وللشافعي قولان أصحهما: يبطل اعتكافه إن خرج لصلاة الجمعة إلا إن كان قد شرطه مسبقاً، ثم يستأنف الاعتكاف.