...وأقول أخيراً إن زكاة الفطر هي زكاة، أحكامُها أحكامُها، إلا ما ورد من استثناءات، وقد ورد في عموم الزكاة جواز تقديمها، فقد رُوي عن علي رضي الله عنه {أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخص له في ذلك} رواه الترمذي (٦٧٣) وأبو داود وابن ماجة وأحمد والدارَقُطني ولم يرد لهذا الحديث استثناءٌ ولا نسخٌ فيظل معمولاً به. قال الترمذي عقب روايته لهذا الحديث [قد اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل مَحلِّها، فرأى طائفة من أهل العلم أن لا يعجِّلها، وبه يقول سفيان الثوري، قال: أَحَبُّ إليَّ أن لا يعجلها. وقال أكثر أهل العلم إن عجَّلها قبل محلِّها أجزأت عنه، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق] وحيث أن صدقة الفطر زكاة، فإن هذا القول في الزكاة يشملها.
...أما قول الأحاديث أن تُؤدَّى الزكاة قبل خروج الناس إلى الصلاة فهو لا شك فيه تحديد واضح وملزمٌ لآخِرِ وقت الإخراج، وقول الحديث السابع (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) هو أكثر وضوحاً لتحديد نهاية وقت الإخراج ولبيان الوجوب والإلزام، فقوله من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، أي فهي صدقة تطوُّع، يعني أنها لم تعد زكاةَ فطرٍ مفروضة، وإذن فإن زكاة الفطر حتى تبقى زكاةً مفروضة لا يصح تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، ويقع الإثم بهذا التأخير. وبناء عليه فليس صحيحاً قول من يقول بجواز تأخيرها عن يوم العيد، أو بإِجزاء إِخراجِها إلى آخر يوم العيد، كما ذهب إلى ذلك الجمهور.