ودلالة هذه الأحاديث واضحة. فقط قولي [وتجب على من صام وعلى من لم يصم] يحتاج إلى وقفة قصيرة، فأقول: إن هذا القول مستنبَط من عموم الأحاديث إذ عندما تذكر الأحاديثُ الأنثى على العموم، والأُنثى قد تكون أفطرت في أيام نفاسها، ومع ذلك تجب عليها الزكاة، وعندما تذكر الأحاديث الكبير على العموم، والكبير قد يفطر رمضان كله أو بعضه ويطعم بدل ذلك، ومع ذلك تجب عليه الزكاة وعندما تذكر الأحاديث الصغير على العموم، وهذه اللفظة تشمل الطفل الرضيع كما تشمل من هو قبل البلوغ، وهما لا يصومان أو يصوم الطفل قبل البلوغ قليلاً أو كثيراً ومع ذلك تجب عليه الزكاة، فإنَّ كلَّ ذلك يدلُّ دلالةً مؤكَّدةً على أنَّ من صام ومن لم يصم تجب عليه الزكاةُ، وإذن فإن الزكاة واجبة على كل مسلم دون استثناء.
...أما ما رُوي عن أبي حنيفة والثوري وإسحق والنخعي وعطاء من قولهم: إن زكاة الفطر تجب على الكافر إن كان عبداً، وعلى الكافرةِ إِن كانت زوجةً لمسلم، فإن هذا القول خطأ والنصوص تردَّه وهؤلاء إنما اعتمدوا على بعض النصوص، وهذه هي:
١- عن عراك بن مالك قال: سمعت أبا هريرة يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {ليس في العبد صدقةٌ إلا صدقة الفطر} رواه مسلم (٢٢٧٦) وأحمد وابن خُزيمة.
٢- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {صدقة الفطر عن كل صغيرٍ وكبير، ذكرٍ وأنثى، يهوديٍّ أو نصرانيٍّ، حرٍّ أو مملوكٍ، نصفَ صاع من بُرٍّ، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير} رواه الدارَقُطني (٢/١٥٠) .
٣- الأحاديث المارَّة قبل قليل (على العبد والحر) رقم ١، و (عن كل صغير وكبير حرٍّ ومملوكٍ) رقم ٢، و (عن كل حرٍّ وعبدٍ) رقم ٣، و (حرٍّ أو عبدٍ) رقم ٤.