...أما ما رُوي عن محمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة، من قوله إنَّ الصدقة لا تجب على الصغير، ومن قول الحسن البصري وعامر الشعبي وسعيد بن المسيِّب إن الزكاة واجبة على من صام فقط، مستدلين بالحديث المار قبل قليل في بحث [وقت إخراجها] رقم ٧ { ... زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرَّفَث ... } . رواه أبو داود (١٦٠٩) وغيره. فإن الأحاديث كلها تردُّ هذين القولين، فالصغير جاء ذكره صريحاً في العديد من الأحاديث فلا يحل القول بخلافه، وأما أن زكاة الفطر طُهرة للصائم فإنها خرجت على التغليب، وإلا فإن الأحاديث التي ذكرت من لا يصومون مردودة، وهؤلاء لا يقولون ذلك.
...أما هذا الوجوب فعلى من يقع القيام به؟ قال مالك والشافعي وأحمد والليث ابن سعد وإسحق بن راهُويه إن الوجوب يقع على الزوج لزوجته في حين أن أبا حنيفة والثوري، وابن المنذر من الشافعية، قالوا إن الوجوب يقع على الزوجة.
والصحيح هو أن زكاة الفطر هي إخراج مال أو قل هي إنفاق مال، وإنفاق المال يقع على الزوج لزوجته، كما يقع على الرجل لابنه الصغير، ويقع عليه لأبيه الكبير العاجز، ويقع عليه عن كل من تلزمه نفقتهم من أهله وعياله ومنها زكاة الفطر فهي واقعة على المعيل لمن يعيل بغض النظر عن أصنافهم، وهذا البحث ليس هنا محلُّه، فلا نستقصي البحث فيه وحسبنا أن نذكر عدداً من الأحاديث التي تشير إلى ما نقول:
١- الأحاديث التي تذكر العبد والصغير، وهما لا يستطيعان إخراج الزكاة، إما لعدم ملك العبد مالاً، وإما لجهل الصغير وعدم تكليفه بالأحكام الشرعية.