...وبناءً على جميع ما سبق، وبناءً على فهمنا للتعادل نقول: إن إخراج القيمة جائز، وبمعنى آخر إن إخراج الدنانير والقروش جائز ولا يجوز إخراج الدنانير والقروش إلا إذا كانت تعادل الشيء أو الأشياء المنصوص عليها، وإلا فلا تعادل، وبالتالي فلا قيمة. فلا يقبل قول من يجيز إخراج الدنانير والقروش مطلقاً بدون معادلتها بالأشياء المنصوص عليها فإن جاء فقيه وقال يجوز إخراج مبلغ كذا وكذا، هكذا بشكل مطلق قلنا له إن قولك هذا غير جائز ولا يصبح جائزاً إلا إن عادلتَ هذا المبلغ بأحد الأشياء المنصوص عليها.
...ولقد أصاب أبو حنيفة ومن قال بقوله فيما ذهب إليه من جواز إخراج القيمة بشرط معادلتها بأحد الأشياء المنصوص عليها. ونحن نقول: نُخْرِج صاعاً من تمر أو ديناراً مثلاً إن كان صاع التمر يساوي الدينار في السوق، ونقول نخرج ثمانين قرشاً أو صاعاً من الدقيق، إن كان صاع الدقيق أو الطحين يساوي الثمانين قرشاً في السوق وهكذا.
...أما التعادل بخصوص القوت المستحدَث في عصرنا الراهن، فهو التعادل نفسه بخصوص إخراج القيمة، وبمعنى آخر فإنه يتوجب عند إخراج الفول مثلاً أو الأرز مثلاً أن لا نخرج صاعاً منهما، إلحاقاً بهما للأجناس المنصوص عليها، وإنما نتعامل معهما حسب قاعدة التعادل، أي نتعامل معهما كما تعامل صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القمح، فقدَّروه بالتعادل بضعف الأجناس الأخرى، أي أنه عند إخراجنا للفول أو الأرز مثلاً نقوم بمعادلتهما بالتمر أو بالشعير، فإن كان الفول عند التعادل أو الأرز أغلى قيمة من التمر أو الشعير فإن نصف صاع أو ثلثي صاع مثلاً هو المجزئ في زكاة الفطر، وفي المقابل إن كان سعر الفول أو الأرز مثلاً عند التعادل أرخص من سعر التمر أو الشعير فإن الواجب عندئذٍ إخراج صاعين أو صاعٍ ونصفٍ منهما، أي أننا نجري عملية التعادل حسب الأسعار في السوق.