واقرأوا ما روى ابن خُزيمة (٢٤٠٦) بإسناد صحيح عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال {لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التمر والزبيب والشعير، ولم تكن الحنطة} واقرأوا ما روى النَّسائي (٢٥١٨) عن عياض بن عبد الله بن سعد أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حدَّثه، قال {كنا نُخْرِج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقِطٍ، لا نخرج غيره} .
فهاتان شهادتان من هذين الصحابيين واضحتان تماماً بأن القمح لم يُدْرَج في قائمة الأصناف التي كان المسلمون يخرجون منها زكاة فطرهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يقوم هؤلاء بتفسير لفظة الطعام الواردة في الأحاديث بالقمح؟
وثالثاً: وقد روى عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال {كنا نُخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعاً من طعام، وقال أبو سعيد: وكان طعامنا الشعير والزبيب والأَقِط والتمر} رواه البخاري (١٥١٠) فهذا أبو سعيد الخدري نفسه الذي رُوي حديثهم من طريقه، قد فسَّر لفظة الطعام تفسيراً يقطع الشك باليقين، بأن معناها عندهم الشعير والزبيب والأقط والتمر، أي الأصناف ذاتها الواردة في حديثهم عقب لفظة الطعام، والحديث يفسِّر بعضه بعضاً، وعليه فإِنَّا نَحْمِلُ حديثَهم على هذا الحديث، فنقول إن هذا الحديث قد ذكر العامَ، ثم ذكر بعده الخاص، وهذا أسلوب يعرفه الكل.