للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أشكل على الفقهاء الحديث الذي رُوي من طريق أبي بَكْرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {شهران لا ينقصان، شهرا عيد، رمضان وذو الحجة} رواه البخاري (١٩١٢) ومسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد. قال الترمذي [قال أحمد: معنى هذا الحديث – شهرا عيد لا ينقصان – يقول: لا ينقصان معاً في سنة واحدة، شهر رمضان وذو الحجة، إن نقص أحدُهما تمَّ الآخر. وقال إسحق: معناه لا ينقصان، يقول وإن كان تسعاً وعشرين فهو تمام غير نقصان وعلى مذهب إسحق يكون ينقص الشهران معاً في سنة واحدة] وقد نُقل عن إسحق قوله: لا ينقصان في الفضيلة، إن كان تسعة وعشرين أو ثلاثين. وذكر ابن حِبَّان لهذا الحديث معنيين، أحدهما ما قال إسحق والآخر أنهما في الفضل سواء، لقوله في الحديث الآخر (ما من أيامٍ العملُ فيها أفضلُ من عشر ذي الحجة) وقيل لا ينقصان في عامٍ بعينه، وهو العام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المقالة. وقيل لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيهقي والطحاوي. وقيل لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان لأن فيه المناسك، حكاه الخطَّابي. وقال النووي: الأصح أن معناه لا ينقص أجرُهما والثوابُ المترتب عليهما وإن نقص عددهما.

...والذي أراه وأُرجِّحه، هو أن الله سبحانه قدَّر لكل شهر من هذين الشهرين على مدى الأعوام والدهور ثواباً ثابتاً، لا يزيد ولا ينقص، سواء جاء هذان الشهران ثلاثين يوماً، أو جاءا تسعة وعشرين، بمعنى أن من صام رمضان ذي التسعة والعشرين ثلاثين يوماً وقام ليله فإنه يحصل على ثوابٍ مماثل للأجر الذي يحصل عليه إن هو صام رمضان ذي الثلاثين يوماً وقام ليله. فالأجر والثواب في الشهرين واحد وإن نقص أحدهما يوماً عن الآخر، وقل مثل ذلك بخصوص شهر ذي الحجة. والله يؤتي فضله من يشاء، ويُنعم على من أدَّى ركني الإسلام، الصيام والحج، وافِرَ الإِنعام وأتمَّه.

<<  <   >  >>