وقد يقول قائل: ما دام أن الإغماء كالنوم فلماذا يُطلب من النائم عن الصلاة أن يأتي بها عند إفاقته ويقظته، ولا يطلب من المغمَى عليه الإتيانُ بالصوم عند إفاقته؟ والجواب عليه هو أن العبادات كما قلنا لا تعلَّل وأنها توقيفية، وبالتالي لا تقاس واحدة على الأخرى فلا يقاس الصوم على الصلاة، ولا يقاس قضاء الصوم على قضاء الصلاة فالحائض مثلاً تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة وهنا جاء الأمر للنائم أن يقضي الصلاة فوجب عليه أن يأتي بها عندما يستيقظ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فلْيُصَلِّها إذا ذكرها، فإن الله يقول: أقم الصلاة لذِكْري} رواه مسلم (١٥٦٩) وأحمد والبيهقي وأبو نعيم. فهو نصٌّ في الصلاة لا نجد مثله في الصوم، والشرع لا يغفل عن تشريع ما يجب، فلو كان الصوم يُقضَى من قبل النائم أو المغمى عليه أو المجنون، لقال لنا الشرع ذلك، فلما لم يقله فإنه لا يُقبَل من أيِّ مسلم فضلاً عن أي فقيه أن يقوله. وإذن فإن الرجل إذا جُن أو أُغميَ عليه يوماً كاملاً أو أياماً كاملة فلا صوم عليه، ولا قضاء، ومثله إن جُن أو أُغميَ عليه جزءاً من نهار، وكان في الليل قد عقد النية للصوم فإن صومه مقبول، ولا قضاء عليه. ونستأنس هنا بما رُوي عن نافع قال {كان ابن عمر يصوم تطوُّعاً فيُغْشَى عليه فلا يفطر} رواه البيهقي (٤ /٢٣٥) وقال [هذا يدل على أن الإغماء خلال الصوم لا يفسده] .