...كما ذهب العلماء إلى أن المتسحِّر يستمر في الأكل والشرب وحتى الجماع ما دام لم يتبين طلوع الفجر، وأن شكَّه في طلوع الفجر لا يمنعه من الأكل والشرب والجماع، فالشاكُّ يجوز له كل ذلك حتى يتحقق من طلوع الفجر، وذلك لقوله تعالى { ... حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيضُ ... } وقد ذكر ابن المنذر– في الأشراف – جوازه عن أبي بكر الصِّديق وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، وعن عطاء والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور.
...وانفرد مالك بقوله إنه حرام – أي أكل الشاكِّ –، وأوجب القضاء عليه. والصحيح هو ما ذهب إليه الأئمة والعلماء من جواز الأكل والشرب والجماع إلى أن يتم التحقُّق من طلوع الفجر، وأَنَّ رأي الإمام مالك خطأ، وذلك للأدلة التالية:
١- قال تعالى { ... وكُلوا واشربوا حتى يتبينَ لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ ثم أتمُّوا الصيامَ إلى الليلِ ... } من الآية ١٨٧ من سورة البقرة.
٢- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال {أُنزلت (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ) ، ولم يُنْزَل (من الفجر) ، فكان رجالٌ إذا أرادوا الصوم ربط أحدُهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعدُ (من الفجر) فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار} رواه البخاري (١٩١٧) ومسلم والنَّسائي والبيهقي وابن المنذر.