يتوقع نزوله (مَسِيَرةَ شَهْرٍ) وروي مسيرة شهرين، "وروي شهرًا أمامي وشهر خلفي ". ولا منافاة كما يعلم مما مر. (وَجُعِلَتْ لِيَ الأرضُ) ما لم يمنع مانع شرعي كموضع نجس (مَسْجِدًا) أي موضع السجود ولو بغير مسجد وقف للصلاة، ومن كان قبله من الأنبياء إنما أبيح لهم الصلوات في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس (وطَهُورًا) أي تطهيرًا وإن كان بمعنى الظاهر في قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان: ٢١] إذ لا تطهر في الجنة، فالخصوصية هنا في التطهير لا في الظاهر به. والمراد تراب الأرض كما جاء في رواية بلفظ "وترابها طهورًا" وفي أخرى "وتربتها لنا طهورًا" وسيأتي (فَأَيُّمَا رَجُلٍ) بجره بإضافة أي إليه وأي اسم مبتدأ فيه معنى الشرط، وما زائدة لتوكيد معنى الشرط (مِنْ أُمَّتِي) بيان لرجل (أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ) صفة له (فَلْيُصَلِّ) جواب الشرط (وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ) جمع غنيمة بمعنى مغنومة والمراد بها ما أخذ من الكفار بقهر وغيره فيعم الفيء إذ كل منهما إذا تفرد عم الآخر وأكد ما ذكر بقوله (ولَمْ تحل لأَحَدٍ قَبْلِي) قال العلماء: كان الأمم قبلنا ضربين -منهم من لا يحل لأنبيائهم جهاد الكفار فلا غنائم لهم، ومنهم من أحل له ذلك إلا أنهم إذا غنموا مالًا جاءته نار فأحرقته فلا يحل لهم أن يتملكوا منها شيئًا، فأباح الله لنبينا تملك الغنائم يتصرف فيها بما يشاء لنفسه ولأمته.
(وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَة) أي المختصة بي، فاللام للعهد إن عهد اختصاص وإلا فللجنس. والمراد المختصة بي. قال النووي: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة شفاعات خمس: الشفاعة العظمى للفصل بين أهل الموقف، وفي جماعة يدخلون الجنة بغير حساب، وفي ناس استحقوا النار فلا يدخلونها وفي ناس دخلوا النار فيخرجون منها، وفي رفع ناس في الجنة.