للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} (١) فذكر النعم التي توجب الشكر، والوفاء بالعقود يحتاج إلى الصبر، ولا بد أن يكون صبارًا أو شكورًا؛ كما قال في أثناء السورة بعد آية الطهارة: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (٢).

(ق ١٨ - ب) قال: فلما كان هذا فاتحة السورة كان من مضمونها الشريعة والمنهاج التي جعلها لأهل القرآن، فبين لهم من تفصيل أمره ونهيه الذي جعل الله لهم شرعة ومنهاجًا في هذه السورة ما وجب عليهم الوفاء به؛ لأجل إيمانهم الذي هو عقد يوجب عليهم طاعة الله ورسله واتباع كتابه، ولهذا رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن سورة المائدة آخر القرآن نزولًا؛ فأحلوا حلالها وحرموا حرامها" (٣)، وعن أبي ميسرة: "إن فيها بضع عشرة شريعة ليست في غيرها" (٤).

لما أمرهم الله -عَزَّ وَجَلَّ - أن يوفوا بالعهود المتناولة لعقوده التي وجب عليها (٥) بالإيمان به، بيَّن ما أمر به وبيَّن ما نهى عنه، وما حلله وما حرمه،


(١) سورة البقرة، الآية: ٤٠.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٧.
(٣) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٢٧٧) لأبي عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس مرسلًا.
ورواه الإمام أحمد (٦/ ١٨٨)، والنسائي في الكبرى (٦/ ٣٣٣ رقم ١١١٣٨)، والحاكم (٢/ ٣١١)، والبيهقي (٧/ ١٧٢) وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها - من قولها.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
(٤) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٢٧٧) للفريابي وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٥) كذا ولعل الصواب: وجبت عليهم.

<<  <   >  >>