فَهَذَا الْأَثَرُ ـ وَإِنْ لَمْ تُلْتَزَمْ عُهْدَةُ صِحَّتِهِ ـ مِثَالٌ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَسْأَلَةِ.
فَقَدْ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَنْ يَرَى أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ ثَلَاثٌ لَا خَمْسٌ، وَبَيَّنَ أَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ يُصَلِّينَ وَهُنَّ حُيَّضٌ. كَأَنَّهُ يُعْنَى بِسَبَبِ التَّعَمُّقِ وَطَلَبِ الِاحْتِيَاطِ بِالْوَسَاوِسِ الْخَارِجِ عَنِ السُّنَّةِ. فَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ دُونَ الْأُولَى.
وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ زَعَمَ أَنَّ الظُّهْرَ خَمْسُ رَكْعَاتٍ لَا أَرْبَعُ رَكْعَاتٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الِاعْتِمَادَ فِي الصَّلَاةِ ـ حَتَّى لَا يُحَرِّكَ رِجْلَيْهِ ـ رَجُلٌ قَدْ عُرِفَ وَسُمِّيَ إِلَّا أَنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ أَذْكُرَهُ، وَقَدْ كَانَ مُسَاءً (أَيْ يُسَاءُ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ) قَالَ: قَدْ عِيبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَكْرُوهٌ مِنَ الْفِعْلِ. قَالُوا: وَمُسَاءً أَيْ يُسَاءُ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُرَوِّحَ الرَّجُلُ قَدَمَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْ يُقْرِنَهُمَا حَتَّى لَا يَعْتَمِدَ عَلَى إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ حُدُودِ الصَّلَاةِ إِذْ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالصَّحَابَةِ الْمَرْضِيِّينَ، وَهُوَ مِنْ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ انْتَهَى.
فَمِثْلُ هَذَا ـ إِنْ كَانَ يَعُدُّهُ فَاعِلُهُ مِنْ مَحَاسِنِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَثَرٌ ـ فَيُقَالُ فِي مِثْلِهِ: إِنَّهُ مِنْ كِبَارِ الْبِدَعِ. كَمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute