للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّهَبِ جَائِزٌ لِذَوِي السُّلْطَانِ، أَوْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَرِيرَ جَائِزٌ لَهُمْ لُبْسُهُ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنَ الْأَوَّلِ فِي تَصَوُّرِ الْبِدْعَةِ فِي حَقِّ هَذَا الْقِسْمِ.

وَيُشْبِهُهُ عَلَى قُرْبٍ زَخْرَفَةُ الْمَسَاجِدِ، إِذْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ تَرْفِيعِ بُيُوتِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الثُّرَيَّاتِ الْخَطِيرَةِ الْأَثْمَانِ، حَتَّى يُعَدَّ الْإِنْفَاقُ فِي ذَلِكَ إِنْفَاقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا اعْتَقَدَ فِي زَخَارِفِ الْمُلُوكِ وَإِقَامَةِ صُوَرِهِمْ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ تَرْفِيعِ الْإِسْلَامِ وَإِظْهَارِ مَعَالِمِهِ وَشَعَائِرِهِ، أَوْ قَصَدَ ذَلِكَ فِي فِعْلِهِ أَوَّلًا بِأَنَّهُ تَرْفِيعٌ لِلْإِسْلَامِ لِمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ بِهِ، وَلَيْسَ مَا حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ مِنْ قَبِيلِ هَذِهِ الزَّخَارِفِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْمُعْتَادِ فِي اللِّبَاسِ وَالِاحْتِيَاطِ فِي الْحِجَابِ مَخَافَةً مِنِ انْخِرَاقِ خَرْقٍ يَتَّسِعُ فَلَا يُرْفَعُ ـ هَذَا إِنْ صَحَّ مَا قَالَ، وَإِلَّا، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى نَقْلِ الْمُؤَرِّخِينَ وَمَنْ لَا يُعْتَبَرُ مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ، وَأَحْرَى أَلَّا يَنْبَنِيَ عَلَيْهِ حُكْمٌ.

- وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَنَاخِلِ فَقَدْ مَرَّ مَا فِيهَا، وَالْمُعْتَادُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يُلْحِقُهَا أَحَدٌ بِالدِّينِ، وَلَا بِتَدْبِيرِ الدُّنْيَا بِحَيْثُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ كَالتَّشْرِيعِ، فَلَا نَطُولُ بِهِ.

وَعَلَى ذَلِكَ التَّرْتِيبِ يُنْظَرُ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، فَتَبَيَّنْ مَجَالَ الْبِدْعَةِ فِي الْعَادِيَّاتِ مِنْ مَجَالِ غَيْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِيهَا كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي أَمْثِلَةِ الْوَجْهِ الثَّالِثِ مِنْ أَوْجُهِ دُخُولِ الِابْتِدَاعِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>