للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادَاتِ عَلَى مَا أُرِيدَ تَحْقِيقُهُ، فَنَقُولُ: إِنَّ مَدَارِكَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ عَلَى بِضْعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً، يُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى أُصُولٍ هِيَ كُلُّهَا أَوْ غَالِبُهَا بِدَعٌ، وَهِيَ قِلَّةُ الْعِلْمِ وَظُهُورُ الْجَهْلِ، وَالشُّحُّ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ، وَتَحْلِيلُ الدِّمَاءِ وَالزِّنَا وَالْحَرِيرُ وَالْغِنَاءُ وَالرِّبَا وَالْخَمْرُ، وَكَوْنُ الْمَغْنَمِ دُوَلًا، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَارْتِفَاعُ الْأَصْوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَتَقْدِيمُ الْأَحْدَاثِ، وَلَعْنُ آخِرِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِينَ، وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ.

- أَمَّا قِلَّةُ الْعِلْمِ وَظُهُورُ الْجَهْلِ فَبِسَبَبِ التَّفَقُّهِ لِلدُّنْيَا، وَهَذَا إِخْبَارٌ بِمُقْدِمَةٍ أَنْتَجَتْهَا الْفُتْيَا بِغَيْرِ عِلْمٍ ـ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ» إِلَى آخِرِهِ ـ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ قَائِدٍ يَقُودُهُمْ فِي الدِّينِ بِجَرَائِمِهِمْ، وَإِلَّا؛ وَقَعَ الْهَرَجُ وَفَسَدَ النِّظَامُ، فَيُضْطَرُّونَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى مَنِ انْتَصَبَ لَهُمْ مَنْصِبَ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ عَالِمًا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى رَأْيِهِ فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ، فَيُضِلُّهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ؛ كَمَا أَنَّهُ ضَالٌّ عَنْهُ، وَهَذَا عَيْنُ الِابْتِدَاعِ، لِأَنَّهُ التَّشْرِيعُ بِغَيْرِ أَصْلٍ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْتَى النَّاسُ قَطُّ مِنْ قِبَلِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا يُؤْتُونَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ عُلَمَاؤُهُمْ أَفْتَى مَنْ لَيْسَ بِعَالَمٍ فَيُؤْتَى النَّاسُ مَنْ قِبَلِهِ، وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْمَعْنَى بَسْطٌ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَأَمَّا الشُّحُّ؛ فَإِنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِبِدْعَةِ الِاحْتِيَالِ عَلَى تَحْلِيلِ الْحَرَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ يَشُحُّونَ بِأَمْوَالِهِمْ فَلَا يَسْمَحُونَ بِتَصْرِيفِهَا فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الشِّيَمِ؛ كَالْإِحْسَانِ بِالصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْمُوَاسَاةِ وَالْإِيثَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>