للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُدَاءُ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ دَلَائِلِ التَّحْرِيمِ مَا فِي الْخَمْرِ، فَظَهَرَ ذَمُّ الَّذِينَ يُخْسَفُ بِهِمْ وَيُمْسَخُونَ، إِنَّمَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِمْ مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي اسْتَحَلُّوا بِهِ الْمَحَارِمَ بِطَرِيقِ الْحِيلَةِ وَأَعْرَضُوا عَنْ مَقْصُودِ الشَّارِعِ وَحِكْمَتِهِ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

وَقَدْ خَرَّجَ ابْنُ بَطَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ فِيهِ الرِّبَا بِالْبَيْعِ» قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الْعِينَةَ.

وَرُوِيَ فِي اسْتِحْلَالِ الرِّبَا حَدِيثٌ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ وَجَبْرِيَّةٌ، ثُمَّ مُلْكٌ عَضُوضٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ الْحَرِيرُ وَالْحِرُّ» يُرِيدُ اسْتِحْلَالَ الْفُرُوجِ الْحَرَامِ، وَالْحِرُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ الْفَرْجُ، قَالُوا: وَيُشْبِهُ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ ظُهُورُ اسْتِحْلَالِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ اسْتِحْلَالَ الْفُرُوجِ الْمُحَرَّمَةِ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ لَمْ يَسْتَحِلَّ أَحَدٌ مِنْهَا الزِّنَا الصَّرِيحَ، وَلَمْ يُرِدْ بِالِاسْتِحْلَالِ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَزَلْ مَعْمُولًا فِي النَّاسِ، ثُمَّ لَفْظُ الِاسْتِحْلَالِ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَصْلِ فِيمَنِ اعْتَقَدَ الشَّيْءَ حَلَالًا، وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذَا الْمُلْكَ الْعَضُوضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>