للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً.

فَإِذَا تَقْدِيمُ الْأَحْدَاثِ عَلَى غَيْرِهِمْ، مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْجُهَّالِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِيهِمْ: سُفَهَاءَ الْأَحْلَامِ وَقَالَ: «يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ» إِلَى آخِرِهِ، وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الْخَوَارِجِ:

«إِنَّ مِنْ ضَئْضَئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، يَعْنِي أَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَقَّهُوا فِيهِ، فَهُوَ فِي أَلْسِنَتِهِمْ لَا فِي قُلُوبِهِمْ.

وَأَمَّا لَعْنُ آخِرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ عَنْ بَعْضِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، فَإِنَّ الْكَامِلِيَّةَ مَنَ الشِّيعَةِ كَفَّرَتِ الصَّحَابَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ، حِينَ لَمْ يَصْرِفُوا الْخِلَافَةَ إِلَى عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَفَّرَتْ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ حِينَ لَمْ يَأْخُذْ بِحَقِّهِ فِيهَا.

قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيِّ وَابْنُ نَافِعٍ: دَخَلَ هَارُونُ (يَعْنِي الرَّشِيدَ) الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ، ثُمَّ أَتَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَى مَجْلِسَ مَالِكٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَالَ لـ مَالِكٍ: هَلْ لِمَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَيْءِ حَقٌّ؟ قَالَ: لَا! وَلَا كَرَامَةَ وَلَا مَسَرَّةَ، قَالَ: مَنْ أَيْنَ قُلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩] فَمَنْ عَابَهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ، وَلَا حَقَّ لِكَافِرٍ فِي الْفَيْءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>