للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْكَلَامِ، اللَّهُمَّ أَمِتْ عُمَيْرَةَ، فَمَاتَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ، فَرَأَى رَجُلٌ فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُولُ: مَاتَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ نِصْفُ النَّاسِ فَعَرَفْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَجَاءَ مَوْتُ عُمَيْرَةَ هَذَا.

وَالثَّانِي: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْأَصْوَاتِ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا لَكَانَ أَيْضًا مِنَ الْبِدَعِ إِذَا عُدَّ كَأَنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ فَصَارَ مَعْمُولًا بِهِ لَا نَفْيَ وَلَا يَكُفُّ عَنْهُ فَجَرَى مَجْرَى الْبِدَعِ الْمُحْدَثَاتِ.

وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْأَحْدَاثِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَمِنْ قَبِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَثْرَةِ الْجُهَّالِ وَقِلَّةِ الْعِلْمِ، كَانَ ذَلِكَ التَّقْدِيمُ فِي رَيْبِ الْعِلْمِ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ أَبَدًا أَوْ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ غِرٌّ لَمْ يَتَحَنَّكْ، وَلَمْ يَرْتَضْ فِي صِنَاعَةِ رِيَاضَةٍ تُبْلِغُهُ مَبَالِغَ الرَّاسِخِينَ الْأَقْدَامَ فِي تِلْكَ الصِّنَاعَةِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي الْمَثَلِ:

وَابْنُ اللَّبُونِ إِذَا مَا لَزَّ فِي قَرْنٍ ... لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةِ الْبُزْلِ الْقَنَاعِيسِ

هَذَا إِنْ حَمْلَنَا عَلَى حَدَاثَةِ السِّنِّ، وَهُوَ نَصٌّ فِي ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ، فَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى حَدَثَانِ الْعَهْدِ بِالصِّنَاعَةِ، وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُهُ: «وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ» وَقَوْلُهُ: «وَسَادَ الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ» وَقَوْلُهُ: «إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ» فَالْمَعْنَى فِيهَا وَاحِدٌ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْعَهْدَ بِالشَّيْءِ لَا يَبْلُغُ مَبَالِغَ الْقَدِيمِ الْعَهْدِ فِيهِ.

وَلِذَلِكَ يُحْكَى عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مَدْيَنَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْأَحْدَاثِ الَّذِينَ نَهَى شُيُوخُ الصُّوفِيَّةِ عَنْهُمْ، فَقَالَ: الْحَدَثُ الَّذِي لَمْ يَسْتَكْمِلِ الْأَمْرَ بَعْدُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>