بَلْ لَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي طَائِفَةٍ مِمَّنْ تَتَمَيَّزُ عَنِ الْعَامَّةِ بِانْتِصَابٍ فِي رُتْبَةِ الْعُلَمَاءِ، فَجَعَلُوا الْعَمَلَ بِبِدْعَةِ الدُّعَاءِ بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ فِي آثَارِ الصَّلَوَاتِ، وَقِرَاءَةِ الْحِزْبِ حُجَّةٌ فِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْبِدَعِ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنِ ارْتَسَمَ فِي طَرِيقَةِ التَّصَوُّفِ فَأَجَازَ التَّعَبُّدَ لِلَّهِ بِالْعِبَادَاتِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَاحْتَجَّ بِالْحِزْبِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَا عَمِلَ بِهِ إِلَّا لِمُسْتَنَدٍ، فَوَضَعَهُ فِي كِتَابٍ وَجَعَلَهُ فِقْهًا كَبَعْضِ أَمَارِيدِ الرَّسِّ مِمَّنْ قَيَّدَ عَلَى الْأُمَّةِ ابْنَ زَيْدٍ.
وَأَصِلُ جَمِيعَ ذَلِكَ سُكُوتُ الْخَوَاصِّ عَنِ الْبَيَانِ، وَالْعَمَلِ بِهِ عَلَى الْغَفْلَةِ، وَمِنْ هُنَا تُسْتَشْنَعُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، فَقَدْ قَالُوا: ثَلَاثٌ تَهْدُمُ الدِّينَ: زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ، وَأَئِمَّةٌ ضَالُّونَ.
وَكُلُّ ذَلِكَ عَائِدٌ وَبَالُهُ عَلَى الْعَالَمِ، وَزَلَلُهُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: زَلَلُهُ فِي النَّظَرِ حَتَّى يُفْتِيَ بِمَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَيُتَابِعُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ الْفُتْيَا بِالْقَوْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute