للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ لَهُ خَطًّا»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

فَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْآيَةِ لِجَمِيعِ طُرُقِ الْبِدَعِ، لَا تَخْتَصُّ بِبِدْعَةٍ دُونَ أُخْرَى.

وَمِنَ الْآيَاتِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: ٩].

فَالسَّبِيلُ الْقَصْدُ هُوَ طَرِيقُ الْحَقِّ، وَمَا سِوَاهُ جَائِرٌ عَنِ الْحَقِّ; أَيْ: عَادِلٌ عَنْهُ، وَهِيَ طُرُقُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ سُلُوكِهَا بِفَضْلِهِ، وَكَفَى بِالْجَائِرِ أَنْ يُحَذَّرَ مِنْهُ، فَالْمَسَاقُ يَدُلُّ عَلَى التَّحْذِيرِ وَالنَّهْيِ.

وَذَكَرَ ابْنُ وَضَّاحٍ ; قَالَ: " سُئِلَ عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، وَقِيلَ لَهُ: أَبَا بَكْرٍ!، هَلْ رَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: ٩]؟ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ; قَالَ: «خَطَّ عَبْدُ اللَّهِ خَطًّا مُسْتَقِيمًا، وَخَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَخُطُوطًا عَنْ شِمَالِهِ، فَقَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا، فَقَالَ لِلْخَطِّ الْمُسْتَقِيمِ: هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ، وَلِلْخُطُوطِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ: هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ; وَالسَّبِيلُ مُشْتَرَكَةٌ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣] إِلَى آخِرِهَا».

عَنِ التُّسْتُرِيِّ: {قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: ٩]: طَرِيقُ السُّنَّةِ، {وَمِنْهَا جَائِرٌ} [النحل: ٩] ;يَعْنِي: إِلَى النَّارِ، وَذَلِكَ الْمِلَلُ وَالْبِدَعُ ".

وَعَنْ مُجَاهِدٍ: {قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: ٩] ; أَيِ الْمُقْتَصِدُ مِنْهَا بَيْنَ الْغُلُوِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>