وَالتَّقْصِيرِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ الْجَائِرَ هُوَ الْغَالِي أَوِ الْمُقَصِّرُ، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَوْصَافِ الْبِدَعِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: " فَمِنْكُمْ جَائِرٌ " ; قَالُوا: يَعْنِي هَذِهِ الْأُمَّةَ، فَكَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَعَ الْآيَةِ قَبْلَهَا يَتَوَارَدَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: ١٥٩].
هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: ١٥٩] مَنْ هُمْ؟
قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: " هُمْ أَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ، وَأَصْحَابُ الْبِدَعِ، وَأَصْحَابُ الضَّلَالَةِ; مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَا عَائِشَةُ إِنَّ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً، مَا خَلَا أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، لَيْسَ لَهُمْ تَوْبَةٌ، وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مِنِّي بُرَآءٌ.»؟.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: " هَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالشُّذُوذِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute