للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ أَغْرَبُ وَهُوَ أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا قَدِمَ الْمَفْقُودُ يُخَيَّرُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ أَوْ صَدَاقِهَا، فَإِنِ اخْتَارَ صَدَاقَهَا بَقِيَتْ لِلثَّانِي، فَأَيْنَ هَذَا مِنَ الْقِيَاسِ؟ وَقَدْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا النَّقْلَ عَنِ الْخَلِيفَتَيْنِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ، وَنَقَلَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، أَوْ أَمْضَى الْحُكْمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ خِلَافُهُ.

وَمِثْلُهُ فِي قَضَايَا الصَّحَابَةِ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ:

قَالَ ابْنُ الْمُعَدَّلِ لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ حَضَرَهُمَا وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَقَامَ أَحَدُهُمَا فَأَوْقَعَ الصَّلَاةَ بِثَوْبٍ نَجِسٍ مجانًا، وَقَعَدَ الْآخَرُ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يُقَارِبُهُ، مَعَ نَقْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَشْيَاخِ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ النَّجَاسَةِ عَامِدًا جَمْعَ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يُسَاوِي مُؤَخِّرَهَا عَلَى وُجُوبِ النَّجَاسَةِ حَالَ الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْمَازِرِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْبَاجِيُّ، وَعَلَيْهِ مَضَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي تَلْقِينِهِ.

وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي أَوْرَدْتُمْ، أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ـ أَحْرَى بِكَوْنِ أَمْرِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِعَكْسِ مَا قَالَ ابْنُ الْمُعَدَّلِ، لِأَنَّ الَّذِي صَلَّى بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَى مَا فَرَّطَ فِيهِ، وَالْآخَرُ لَمْ يَعْمَلْ كَمَا أُمِرَ، وَلَا قَضَى شَيْئًا. وَلَيْسَ كُلُّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ابْتِدَاءً غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَعْدَ وُقُوعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>