للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ فَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي التَّكْفِيرِ تَفْصِيلًا فِي هَذِهِ الْفِرَقِ، فَقَالَ: مَا كَانَ مِنَ الْبِدَعِ رَاجِعًا إِلَى اعْتِقَادِ وُجُودِ إِلَهٍ مَعَ اللَّهِ، كَقَوْلِ السَّبَئِيَّةِ فِي عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ إِلَهٌ، أَوْ خَلْقُ الْإِلَهِ فِي بَعْضِ أَشْخَاصِ النَّاسِ كَقَوْلِ الْجَنَاحِيَّةِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ رُوحٌ يَحُلُّ فِي بَعْضِ بَنِي آدَمَ، وَيَتَوَارَثُ، أَوْ إِنْكَارِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِ الْغُرَابِيَّةِ: إِنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فِي الرِّسَالَةِ فَأَدَّاهَا إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ كَانَ صَاحِبَهَا، أَوِ اسْتِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِسْقَاطِ الْوَاجِبَاتِ، وَإِنْكَارِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ كَأَكْثَرِ الْغُلَاةِ مِنَ الشِّيعَةِ، مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَقَالَاتِ فَلَا يَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدُهَا غَيْرَ كَافِرٍ.

وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ لَا حَاجَةَ إِلَى إِيرَادِهَا وَلَكِنَّ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُهُ مِنَ الشُّيُوخِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ أَنَّ الْكُفْرَ بِالْمَآلِ، لَيْسَ بِكُفْرٍ فِي الْحَالِ، كَيْفَ وَالْكَافِرُ يُنْكِرُ ذَلِكَ الْمَآلَ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ وَيَرْمِي مُخَالِفَهُ بِهِ، [وَلَوْ] تَبَيَّنَ لَهُ وَجْهُ لُزُومِ الْكُفْرِ مِنْ مَقَالَتِهِ لَمْ يَقُلْ بِهَا عَلَى حَالٍ.

وَإِذَا تَقَرَّرَ نَقْلُ الْخِلَافِ فَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ.

أَمَّا مَا صَحَّ مِنْهُ فَلَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا تَعْدِيدُ الْفِرَقِ الْخَاصَّةِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ قَالَ فِي حَدِيثِهِ:

«كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً» فَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>