وَعَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: كَانُوا إِذَا جَاءَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقَضَاءِ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ سَمَّوْهُ " صَوَافِي الْأُمَرَاءِ " فَجَمَعُوا لَهُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَمَا أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ الْحَقُّ، وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ نَحْوٌ مِمَّا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا مَدْخَلَ فِي السُّؤَالِ لِمَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ مُجْتَهِدٍ، لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي أَهْلِ التَّقْلِيدِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِمَا يُخَالِفُهُمْ فَهُوَ صَاحِبُ الْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ أَيْضًا أَحَدٌ مِنَ الْمُبْتَدِعِينَ، لِأَنَّ الْعَالِمَ أَوَّلًا لَا يَبْتَدِعُ، وَإِنَّمَا يَبْتَدِعُ مَنِ ادَّعَى لِنَفْسِهِ الْعِلْمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْبِدْعَةَ قَدْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ نَمَطِ مَنْ يُعْتَدُّ بِأَقْوَالِهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ قِيلَ بِالِاعْتِدَادِ بِهِ فِيهِ فَفِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الَّتِي ابْتَدَعَ فِيهَا، لِأَنَّهُمْ فِي نَفْسِ الْبِدْعَةِ مُخَالِفُونَ لِلْإِجْمَاعِ: وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الصَّحَابَةُ عَلَى الْخُصُوصِ، فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ أَقَامُوا عِمَادَ الدِّينِ وَأَرْسَوْا أَوْتَادَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ أَصْلًا، وَقَدْ يُمْكِنُ فِيمَنْ سِوَاهُمْ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ» وَقَوْلَهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شَرَارِ النَّاسِ»، فَقَدْ أَخْبَرَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute