للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالتَّخْوِيفِ وَهُوَ أَوَّلُ الْخَائِفِينَ. وَبِالتَّرْجِيَةِ وَهُوَ سَائِقٌ دَابَّةَ الرَّاجِينَ.

وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ جَعْلُهُ الشَّرِيعَةَ الْمُنَزَّلَةَ عَلَيْهِ حُجَّةً حَاكِمَةً عَلَيْهِ وَدَلَالَةً لَهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي سَارَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَلِذَلِكَ صَارَ عَبْدَ اللَّهِ حَقًّا. وَهُوَ أَشْرَفُ اسْمٍ تَسَمَّى بِهِ الْعِبَادُ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا - تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ - وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: ١ - ٢٣] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي وَقَعَ مَدْحُهُ فِيهَا بِصِحَّةِ عُبُودِيَّتِهِ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَسَائِرُ الْخَلْقِ حَرِيُّونَ بِأَنْ تَكُونَ الشَّرِيعَةُ حُجَّةً حَاكِمَةً عَلَيْهِمْ وَمَنَارًا يَهْتَدُونَ بِهَا إِلَى الْحَقِّ، وَشَرَفُهُمْ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِحَسَبِ مَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنَ الدُّخُولِ تَحْتَ أَحْكَامِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا قَوْلًا وَاعْتِقَادًا وَعَمَلًا، لَا بِحَسَبِ عُقُولِهِمْ فَقَطْ، وَلَا بِحَسَبِ شَرَفِهِمْ فِي قَوْمِهِمْ فَقَطْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَثْبَتَ الشَّرَفَ لَا غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] فَمَنْ كَانَ أَشَدَّ مُحَافَظَةً عَلَى اتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالشَّرَفِ وَالْكَرَمِ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَبْلُغَ فِي الشَّرَفِ مَبْلَغَ الْأَعْلَى فِي اتِّبَاعِهَا، فَالشَّرَفُ إِذًا إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمُبَالِغَةِ فِي تَحْكِيمِ الشَّرِيعَةِ. تَفْضِيلُ عُلُومِ الشَّرِيعَةِ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ

ثُمَّ نَقُولُ بَعْدَ هَذَا: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ شَرَّفَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَرَفَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>