للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمدرك الخلاف فيه أن الفعل إذا نفى فقد نفى مصدره فيصير لا يقوم بمنزلة لا قيام ولا قيام يعم، فلا يقوم يعم، والقول الآخر مبني

على أن هذا القياس في اللغة ولنا منعه، أو يلاحظ صحة الاستثناء في التعميم.

فائدة: اختلف العلماء في هذا الفعل الخاص اختلافاً خاصاً، وهو قوله تعالى: «لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة» (١) ، فقيل يقتضي نفي الاستواء مطلقاً في كلّ شيء حتى في نفي القصاص بين المسلم والذمي إذا قتله المسلم، وقيل لا يفيد نفي الاستواء إلاّ من بعض الوجوه فلا يفيد نفي القصاص.

ومنشأ الخلاف أن قولنا استوى في سياق الثبوت هل هو موضوع في اللغة للاستواء من كلّ الوجوه، ولا يلزم من نفي المجموع إلاّ نفي جزء منه فيبقى بقية الوجوه لم يتعرض لها بالنفي، فلا يلزم النفي من جميع الوجوه، أو هو موضوع لمطلق الاستواء ولو من وجه، فيكون أمراً كلياً لا كلاً ومجموعاً، ويلزم من نفي الأمر الكليّ نفي جميع أفراده فينتفي القصاص؟ والذي يظهر لي أنها موضوعة للاستواء فيما وقع السياق لأجله لا لمطلق الاستواء في الفقه خاصة، وكذلك فيا لنفي، فإذا قال الله تعالى: «لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون» (٢) ، دل على نفي الاستواء في الفوز، وأن أصحاب النار هلكى، ولا يتعدى النفي هذا الوجه فلا يقتضي نفي القصاص.

وقال الشافعي - رضي الله عنه - ترك الاستفصال في حكايات الأحوال يقوم مقام العموم في المقال، نحو قوله عليه الصلاة والسلام لغيلان حين أسلم على عشر نسوة: «أمسك أربعاً وفارق سائرهن» من غير كشف عن تقدم عقودهن أو تأخرها أو اتحادها أو تعددها.

روي عن الشافعي - رضي الله عنه - أيضاً أن حكايات الأحوال إذا تطرق إليها


(١) ٢٠ الحشر.
(٢) ٢٠ الحشر.

<<  <   >  >>