للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متصلاً وهذا لا يحصل العلم فلا يكون متواتراً، بل يتصور هذه المسألة باعتبار الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، فإن الأحاديث كانت في زمانهم متواترة، أعني كثيراً منها، لقرب العهد بالمروي عنه، ولشدة العناية في الرواية، فيكون حكم الله تعالى مِمّا تقدم باعتبار تلك القرون، أما نحن فلا، أما تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة، أما بالقول فقوله تعالى: «يوصيكم الله في أولادكم» (١) الآية. قال الأصوليون: خصص بقوله عليه الصلاة والسلام: «القاتل لا يرث» وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا يتوارث أهل القبلتين (٢) وأهل الملتين» وأما الفعل فخصصوا قوله تعال: «الزانية والزاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة» (٣) مِمّا تواتر عنه عليه الصلاة والسلام من رجم المحصن في قصة ماعز وغيره.

وهنا سؤالان: الأوّل ما تقدم في الحديث المتواتر (٤) وجوابه ما تقدم، والثاني أن

قوله عليه الصلاة والسلام «القاتل لا يرث» ليس بتخصيص، لأنه تقدم أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات، فيقتضي توريث كلّ ولد في حالة غير معينة، فالذي يناقضه أن بعض الأولاد لا يرث في حالة ما فإن الموجبة الجزئيّة إنّما يناقضها السالبة الكليّة، ولم نجد ولداً لا يرث في حالة ما بل الجميع يرثون في حالة ما، ولا يلزم من كون بعض الأولاد لا يرث في حالة خاصة أن لا يرث في حالة ما فإن نفي الخاص لا يلزم منه نفي العام، فإذا قلنا في الدار رجل، لا يناقضه ليس في الدار زيد، لأن (رجلاً) بصفة التنكير لم يتعين لزيد، فلا يلزم من نفي زيد نفيه، كذلك هنا لا يلزم من نفي الإرث في حالة القتل أو غيره من الأحوال الخاصة نفي التوريث في حالة منكرة، وكذلك يلزم أن يكون قوله تعالى: «اقتلوا المشركين» (٥) غير مخصوص أما بالنساء فلأنهن لم يندرجن في


(١) ١١ النساء.
(٢) أهل القبلتين ساقطة من المخطوطة.
(٣) ٢ النور.
(٤) في المخطوطة: ما تقدم على حديث التواتر.
(٥) ٥ التوبة.

<<  <   >  >>