للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيغة لأنها صيغة تذكير، وأما الصبيان فلأنهم يقتلون في حالة ما وهي إذا كبروا وكذلك الرهبان يقتلون إذا قاتلوا، وهي حالة ما، وكذلك أهل الذمة، فلا يتصور فيه تخصيص بناء على هذه القاعدة؛ فإنا لم نجد فرداً من هذا العموم لا يقتل في حالة ما، وإنما يتصور ذلك في قوله تعالى: «الله خلق كلّ شيء» (١) فإن واجب الوجود لا يقبل هذا الحكم في حالة ما، وقوله تعالى: «وأوتيت من كلّ شيء» (٢) فإنَّها لم تؤت النبوة، أو ملك الدنيا، أو الشمس أو القمر، وغير ذلك ي حالة ما، وقوله تعالى: «تدمر كلّ شيء بأمر ربها» (٣) ،

لم تدمر الجبال، ولا السماء في حالة ما، فهذا تخصيص محقق لما فيه ن المناقضة للعموم، ومن شرط المخصص أن يكون مناقضاً للعموم، ولا تناقض بين ثبوت الحكم في حالة ما وبين عدم ثبوته في حالة مخصوصة، بل الناقض عدم ثبوته في جميع الحالات، وبهذه الطريقة يظهر لك أن أكثر ما يعتقد فيه التخصيص ليس مخصوصاً؛ فإن تلك الأفراد إنّما خرجت في أحوال خاصة لا في جميع الحالات، فلا يحصل التناقضز

ويجوز عندنا وعند الشافعي وأبي حنيفة تخصيص الكتاب بخبر الواحد وفصَّل ابن أبان والكرخي كما تقدمن وقيل لا يجوز مطلقاً، وتوقف القاضي فيه.

لنا أنهما دليلان متعارضان، وخبر الواحد أخص من العموم فيتقدم على العموم؛ لأن تقديم العموم عليه يقتضي إلغاء خبر الواحد بالكلية، وتقديم الخبر على العموم لا يبطل العموم، بل يبقى في غير ما يتناوله الخبر فكان أولى، ولإجماع الصحابة - رضوان الله عليهم - على تخصيص آية الإرث بقوله عليه الصلاة والسلام «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، وقوله تعالى: «وأحل الله البيع» (٤) بخبر ابن مسعود في تحريم الربا، وقوله تعالى: «وأحل لكم ما وراء ذلكم» (٥) بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها» .


(١) ١٠٢ الأنعام.
(٢) ٢٣ النمل.
(٣) ٢٥ الأحقاف..
(٤) ٢٧٥ البقرة.
(٥) ٢٤ النساء.

<<  <   >  >>