من وزن الفعل المضارع؛ لأنه خاص بالأفعال ووزن المضارع يغلب في الأفعال ولا يخصها بدليل أفعل التفضيل، ومع ذلك فقد نصُّوا على جواز صرف هذا النوع وشبهه وقالوا إنه صار إلى وزن ما هو أصل في الأسماء نحن ديك وفيل، وأما أبان فلم يرجع بعد التغيير إلى بناء أصلي، فامتنع صرفه، فهذا هو الفرق، وأما من صرفه فزعم أن أصله فَعَال لا أفعل من التبيين، حكى ذلك ابن يعيش في المفصل.
وعندنا تخصيص فعله عليه الصلاة والسلام وإقراره الكتابة والسنة.
وفصل الإمام فقال إن تناوله العام كان الفعل مخصصاً له ولغيره إن علم بدليل أن حكمه كحكمه، لكن المخصص فعله مع ذلك الدليل، وكذلك إن كان العام متناولاً لأمته فقط وعلم بدليل أن حكمه حكم أمته، وكذلك الإقرار يخصص الشخص المسكوت عنه لما خالف العموم، ويخصص غيره إن علم أن حكمه على الواحد حكم على الكل.
أما تخصيص الفعل والإقرار للكتاب والسنة فلما تقدم من تخصيص خبر والواحد لهما خلافاً ومدركاً وسؤالاً وجواباً، والفعل والإقرار أضعف دلالة من القول؛ لأن القول يدل بنفسه والفعل لا يكون مدركاً شرعياً إلاّ بدليل من القول يدل على أنه حجة، كقوله تعالى:«ما أتاكم الرسول فخذوه»(١) وقوله عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني مناسككم وصلوا كما رأيتموني أصلي» .
وأما تفضيل الإمام فمثاله قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا» فهذا متناول للأمة دونه عليه الصلاة والسلام، ثم روى ابن عمر رضي الله عنهما أنه صعد على ظهر بيت حفصة فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين لقضاء الحاجة مستقبلاً بيت المقدس مستدبراً الكعبة، وقد علم بالدليل أن حكم أمته يتناوله، فيكون فعله عليه الصلاة والسلام مخصصاً له من حكم هذا النص الذي ثبت التعميم في حقه منه بالدليل، ومن