للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء من حمل فعله على حالة، وهو أن هذا حكم الأبنية، والنهي محمول على الصحارى والأفضية، ومثال ما يتناوله عليه الصلاة والسلام خاصة قوله عليه الصلاة والسلام: «نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً» فهذا خاص به من حيث اللفظ، وعلم بالدليل أن حكم أمته كحكمه، ومثال المتناول له عليه الصلاة والسلام لأمته قوله تعالى: «يوصيكم الله في أولادكم» (١) وغير ذلك من النصوص العامة، فإذا ثبت أنه عليه الصلاة والسلام فعل ما يقتضي أنه غير مراد بها فإن علم أن غيره كحكمه تخصص معه، وإذا أقر شخصاً على غير خلاف هذه النصوص نعلم أن ذلك الشخص غير مراد بتلك العمومات، فإن دل الدليل على مساواة غير ذلك الشخص له خصص الثاني كما خصص الأوّل، وقولنا إن علم أن حكمه كحكمه، لا يمكن أن يريد به جملة ما يصدق عليه أنه غيره، لأن ذلك يؤدي إلى خروج جملة الأفراد من ذلك اللفظ، ولا يبقى منه شيء، فيكون هذا نسخاً تخصيصاً وبياناً، بل يريد به بعض الأشخاص تحقيقاً للتخصيص.

وعندنا العوائد مخصصة للعموم، قال الإمام إن علم وجودها في زمن الخطاب وهو متجه.

القاعدة: أن من له عرف وعادة في لفظ إنّما يحمل لفظه على عرفهن فإن كان المتكلم

هو الشرع حملنا لفظه على عرفه وخصصنا عموم لفظه في ذلك العرف إن اقتضى العرف تخصيصاً، أو على المجاز إن اقتضى المجاز وتركا الحقيقة، أو إضمار أو غيرهن وبالجملة دلالة العرف مقدمة على دلالة اللغة، لأن العرف ناسخ للغة، والناسخ يقدم على المنسوخ، أما العوائد الطارئة بعد النطق لا يقضى بها على النطق فإن النطق سالم عن معارضتها، فيحمل على اللغة، وتظهيره إذا وقع العقد في البيع، فإن الثمن يحمل على العادة الاضرة في النقد، وما يطرأ بعد ذلك من العوائد في النقود لا عبرة به في هذا البيع المتقدم، وكذلك النذر والإقرار والوصية إذا تأخرت العوائد عليها لا تعتبر، وإنما تعتبر من العوائد ما كان مقارناً لها، فكذلك نصوص الشريعة لا تؤثر في تخصيصها إلاّ ما قارنها من العوائد.


(١) ١١ النساء.

<<  <   >  >>