للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، وهذا خاص بالرجعيات، نقله الباجي عنا خلافاً للشافعي والمزني.

معناه بل يبقى لفظ المطلقات على عمومه، لأنه جمع معرف باللام.

ومذهب الراوي يخصص عند مالك والشافعي رضي الله عنهما خلافاً لبعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي.

هذه المسألة منقولة هكذا على الإطلاق، والذي أعتقده أنه مخصوص بما إذا كان الراوي صحابياً، شأنه الأخذ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقول إنه إذا خالف مذهبه ما رواه يدل ذلك منه على أنه اطلع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قرائن حالية تدل على تخصيص ذلك العام،

وأنه عليه الصلاة والسلام أطلق العام لإرادة الخاص وحده، فلذلك كان مذهبه مخالفاً لروايته، أما إذا كان الراوي مالكاً أو غيره من المتأخرين الذي لم يشاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يتأتى ذلك فيه، ومذهبه ليس دليلاً حتى يخصص به كلام صاحب الشرع، والتخصيص بغير دليل لا يجوز إجماعاً.

حجة التخصيص: ما تقدم فإن عدالته تمنعه من ترك بعض العموم إلاّ لمستند من قرائن صاحب الكلام؛ فإذا ثبتت القرائن ثبت التخصيص.

حجة عدم التخصيص: أن عموم كلام صاحب الشرع حجة، والراوي لم يتركه إلاّ لاجتهاد؛ ويجوز أن يكون أصاب أم لا، والأصل بقاء العموم على عمومه، ولو كان كلّ اجتهاد صحيحاً لكان قول كلّ مجتهد حجة وهو خلاف الإجماع.

وذكر بعض العموم لا يخصصه خلافاً لأبي ثور.

ذكر بعض العموم كقوله تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى» (١) فالإحسان بلام التعريف عام في جميع أنواع الإحسان، فيندرج فيه إيتاء ذي القربى، فذكره بعده ليس تخصيصاً للأول بإيتاء ذي القربى، بل اهتماماً بهذا النوع من هذا العام، وعادة العرب أنها إذا اهتمت ببعض أنواع العام


(١) ٩٠ النحل.

<<  <   >  >>