للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة الشافعي: أنهم من أهل القبلة فتقبل روايتهم كما نورثهم ونرثهم ونجري عليهم أحكام الإسلام.

حجة القاضي: أن مخالفتهم القواطع تقتضي القطع بفسقهم، فيندرجون في قوله تعالى: «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» (١) ولأن قبول روايتهم ترويج لبدعتهم فيحرم (٢) . وأما شارب النبيذ فالأمر فيه مبني على قاعدتين إحداهما أن الزواجر تعتمد المفاسد (٣) ودرأها لا حصول العصيان ولذلك نؤلم الصبيان والبهائم استصلاحاً لهم وإن لم يكونوا عصاة؛ فلذلك يقام الحد على الحنفي لدرء مفسدة السكر وفساد العقل والتسبب له وإن لم يكن عاصياً لتقليده أبا حنيفة، فهذه القاعدة هي الموجبة لحده وقبول شهادته، ولا تناقض حينئذ لأن الزواجر لدرء المفسدة وقبول الشهادة لعدم المعصية.

ويرد على الشافعي في هذه القاعدة أنها وإن كانت صحيحة غير أنا لم نجدها إلاّ في الزواجر التي ليست محدودة، أما المحدودة فما عهدناها في الشرع إلاّ في المعاصي.

القاعدة الثانية: وهي أن قضاء القاضي ينقض إذا خالف أحد أربعة أشياء: الإجماع أو النص الجلي أو القياس الجلي أو القواعد. فمتى خالف إحدى هذه الأربعة قضاء قاض لا لمعارض له في القياس أو النص الجلي أو القواعد نقض هذا، وهو مدار الفتاوى في المذاهب المعمول بها، وإذا كنا لا نقره شرعاً مع تأكده بقضاء القاضي بنقضه، فأولى أن لا نقره شرعاً إن لم يتأكد، وإذا لم نقره شرعاً لم يجز التقليد فيه، ويكون الناطق به من المجتهدين كأنه ساكت لم يقل شيئاً والمقلد لذلك المجتهد كأنه لم يقلد أحداً، ومن لم يكن مقلداً في شرب النبيذ كان عاصياً، والعاصي بمثل هذه الفعلة يكون فاسقاً؛ فلهذه القاعدة قال مالك أحده للمعصية وأرد شهادته لفسقه وهو أوجه في النظر من قول الشافعي لما تقدم من الإشكال على


(١) ٦ الحجرات.
(٢) في الأصول: فتحرم.
(٣) في الأصول: الفاسد.

<<  <   >  >>