للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن بعض قضاة الزمان أنه حكم بقول رجل ولم يذكر صفته حمل على أنه ثبتت عدالته فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى لاسيما وهو يقول: «إذا شهد ذوا عدل فصوموا أفطروا وانسكوا» فتصريحه - عليه السلام - بالعدالة يأبى قبول شهادة المجهول.

وتثبت العدالة إما بالاختبار أو بالتزكية واختلف الناس في اشتراط العدد في التزكية والتجريح فشرطه بعض المحدثين في التزكية والتجريح في الرواية والشهادة واشترطه القاضي أبو بكر في تزكية الشهادة فقط واختاره الإمام فخر الدين، وقال الشافعي يشترط إبداء سبب التجريح دون التعديل لاختلاف المذاهب في ذلك والعدالة شيء واحد وعكس قوم لوقوع الاكتفاء بالظاهر في العدالة دون التجريح، ونفى ذلك القاضي أبو بكر فيهما.

الاختبار كالمعاملة والمخالطة التي تطلع على خبايا النفوس ودسائسها، والتزكية ثناء العدول المبرزين عليه بصفات العدالة على ما تقرر في كتب الفقه. وتعلم العدالة أيضاً بغير

هاتين الطريقتين وهي السمعة الجميلة المتواترة والمستفيضة ولذلك يقطع بعدالة أقوام من العلماء والصلحاء من سلف هذه الأمة ولم نختبرهم، بل بالسماع المتواتر أو المستفيض، فهذا كافٍ وقد نص الفقهاء على أن من عرف بالعدالة لا يطلب له تزكية.

حجة اشتراط العدد في الجميع: أن التجريح والتعديل صفتان فيحتاجان إلى عدلين فصاعداً كالرشد والسفه والكفاءة وغيرها.

حجة القاضي: أن الرواية يكفي فيها الواحد على الصحيح فأصلها كذلك، والشهادة لا يكفي فيها الواحد فلا يكفي في أصلها الواحد تسوية بين البابين والفروع والأصول، وأما إبداء أسباب التجريح والتعديل فالفقه فيه أن المجرح

<<  <   >  >>