النبوة، وحملها من بعدهم علماء الأمة ودعاتها حتى يومنا هذا، ولم ينقطع حبل الدعوة المتين في عصر من العصور، فقد حمل الإسلام ودعوته من كل خلف عدوله، ولم يخب صوت الدعوة إلى الله في الأرض حتى، ولو سيطر على بعض أطرافها غير المسلمين، كما حدث في بلاد المشرق، أو المغرب العربي في العصر الحديث"١.
فالدعوة إلى الله تجب على كل مسلم ومسلمة تحت قيادة الدولة الإسلامية كما هو حاصل في المدينة المنورة، فترك الدعوة إلى الله معصية وإهمال، وتقصير في حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، حيث أمر بها في محكم التنزيل في أكثر من موضع، فعليك القيام بهذا العمل سواء كلفت بها من قبل الدولة، أو المؤسسة أو الجمعية أو غيرها، أخذت عليه أجرًا أم كنت متعاونًا "والأجر من الله العظيم" إلا أن من أخذ أجرًا، وأحسن القصد فإنه بمشيئة الله وبمنه وكرمه سبحانه لا يحرمه الأجر، والثواب لكن العمل متأكد عليه أكثر من غيره؛ لأنه مفرغ لهذا العمل، ولا يسقط العمل الدعوي عن باقي الأمة فالجميع مكلف، وعلى كل واحد أن يقوم بما كلف به من خالقه، ومولاه الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، وهو يطعم ولا يطعم سبحانه وتعالى.
"ومن هذا يتضح بجلاء أن المكلف بالدعوة إلى الله هو كل مسلم ومسلمة؛ لأن الأمة الإسلامية تتكون منهم، فكل بالغ عاقل من الأمة الإسلامية -وهي المكلفة بالدعوة إلى الله- مكلف بهذا الواجب، ذكرًا كان أو أنثى، فلا يختص العلماء، أو رجال الحسبة ورجال الدعوة بأصل من هذا الواجب؛ لأنه واجب على الجميع، وإنما
١ من كتاب مسئولية الدولة الإسلامية عن الدعوة، د. عبد المحسن التركي ص٢٣.