من الآداب التي يجب على الدعاة وطلبة العلم الاتصاف بها، عند المناصحة والمحاورة أن يحافظوا على صفاء القلوب والخواطر، أخذًا بقول من قال:"واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"، وقدوتنا في ذلك السلف الصالح من الصحابة والتابعين، فإنه لم ينشأ بينهم خلاف فيه هجر، وكراهة، فقد كان الاختلاف ينشأ بينهم أحيانا بأدب رفيع، وناقش جاد لا حاد، هدفهم الحق، فمتى اتضح الحق لأحدهم انصاع له، وفعلًا قد حصلت وحدثت بينهم محاورات ومناقشات كثيرة، ليس هذا مكان ذكرها، فليرجع إليها من أراد معرفة ذلك في كتب السير والمراجع وغيرها، ولا حرج أن تختلف مع عالم أو داعية، في رأي أو اجتهاد، متى كنت أهلًا لذلك، لكن الحرج كل الحرج، أن يتحول هذا الخلاف إلى معول هدم، وتنقص من قدر هذا العالم، والحط من مكانته والتشهير به وسوء الأدب معه، وإن حصل هذا من الدهماء والعامة، أو من أهل البدعة والضلال، فإنه لا يجوز بحال أن يقع من أهل السنة والجماعة، ومن طلاب العلم الشرعي ومن الدعاة خاصة، والخلاف باختلاف المقاصد، واختلاف الأحوال، شيء لا بد من حصوله، وهو الاختلاف في الرأي، وفي وجهات النظر وفي الأسلوب الأمثل للدعوة، فالخلاف الناشئ بين الأمم في العقائد، والأحكام والشرائع سبب في إرسال الرسل، وتوالي الكتب السماوية قال الله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} ١، ويكون الخلاف غالبًا في أمور الدين