للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الفضيل بن عياض: أيكم أحسن عملا أي "أخلصه وأصوبه" قيل: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، لا يقبل حتى يكون خالصا صوابا"، ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى نمط من الدعاة آثروا الصدق في أقوالهم وأفعالهم حتى أصبح الصدق سجية يجري في عروقهم، فإذا رآهم الناس قالوا: هذه ليست بوجوه كذابين، إن صدقنا في حلم دعوتنا هو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا، كما أن الداعية مطلوب منه أن يتحمل ويصبر على ما أصابه في سبيل الدعوة قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ١، فالصبر مع إخوانك الدعاة أمر مطلوب، والصبر على أذى إخوانك المدعوين أمر مطلوب كذلك، ومع الصبر لا تظهر الغضب ولا التأفف قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ٢، بل من خلق الداعية كظم الغيظ والعفو عمن ظلمه، والإحسان إلى الناس جميعًا، وكذلك التواضع وهو تجنب الكبر الذي هو بطر الحق وغمط الناس، ومن التواضع أن يتنازل عن حظ نفسه من حقه ليحل مشكلة هو طرف فيها، أو ليطوي صفحة طال الحديث فيها، أو ليتألف قلبا، أو ليستطيب نفس أخيه، ولا يلح في المطالبة بحقوقه، ومن الأمور الهامة في حياة الداعية "السماحة"، وقد دعا


١ سورة الكهف: الآية ٢٨.
٢ سورة آل عمران: الآية ١٣٤.

<<  <   >  >>