للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصاحب الجاه يختلف عن غيره في توصيل النصيحة له من حيث الأسلوب والتوجيه، والوقت ولتكن النصيحة بينه وبينه وأن يحذر من نصيحة العلانية، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم"١. فهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله" ٢، فالناصح الحكيم كالطبيب الماهر الذي يشخص المرض، ويعرف الداء ويعطي بعد ذلك الدواء المناسب على حسب حال المريض ومرضه، مراعيا في ذلك قوة المرض وضعفه وتحمل المريض للعلاج، وهكذا الداعية الناصح الحكيم يعرف أمراض المجتمع، ويحدد الداء ويصف الدواء، فمعرفة أحوال الناس من الأمور الضرورية للداعية، ومما يشهد على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن. فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: "بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإنهم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" ٣، فالدعاة إلى الله هم أطباء المجتمع، ومن شأن الطبيب أن يهتم بمعرفة الأدواء، ثم يعمل على علاجها بادئًا بالأهم قبل المهم، إذا من الضروري جدا


١ رواه مسلم بشرح النووي: "١/ ٥٥".
٢ رواه الإمام البخاري، فتح الباري، كتاب العلم: "١/ ٢٢٥".
٣ روه الإمام البخاري: كتاب الزكاة "١٤٩٦".

<<  <   >  >>